مجلس القيادة الرئاسي يتبنّى خريطة الإنقاذ

Loading

القرار رقم (11) يترجم رؤية “عجلان” إلى خطة إصلاح وطنية

تحليل سياسي واقتصادي – إعداد هيئة التحرير

في استجابة وُصفت بأنها الأكثر جرأة منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، أصدر المجلس القرار رقم (11) لسنة 2025م بالموافقة على خطة أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، في خطوة تُعدّ تحوّلًا نوعيًا في نهج الدولة اليمنية، وترجمة مباشرة لما دعا إليه الصحفي اليمني محمد ناصر عجلان في مقاله التحليلي الشهير «اليمن بين الأمل والواقع: طريق الإنقاذ يبدأ من توحيد القيادة واستعادة الاقتصاد»، الذي نشر قبل أسابيع فقط.

المقال الذي طرحه عجلان مثّل ما يشبه “وثيقة إنقاذ وطنية”، دعا فيها إلى توحيد القيادة الحكومية، وتفعيل الإدارة المالية، وإعادة تشغيل الموارد السيادية كمقدمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي وإنهاء الانقسام المالي والإداري.
ويبدو أن مجلس القيادة الرئاسي التقط تلك الدعوة بجدية، فحوّلها إلى خطة عمل رسمية مُلزمة.


أولًا: توحيد القيادة واستعادة السيادة المالية

أكد مقال عجلان أن الإنقاذ يبدأ من توحيد القرار الاقتصادي ومنح مؤسسات الدولة السيادة على مواردها. وقد لبّى القرار الرئاسي هذا النداء الوطني بجملة من الإجراءات التي تعيد للدولة هيبتها ومركزية قرارها المالي، أبرزها:

إنهاء التشظي المالي: إلزام المحافظات الرئيسية (عدن، مأرب، حضرموت، المهرة، تعز) بتوريد جميع الإيرادات إلى الحسابات المركزية للحكومة لدى البنك المركزي اليمني، ومنع أي استثناءات أو صرف خارج الإطار القانوني.

حماية البنك المركزي: حظر تدخل المحافظين في أعمال وشؤون المنافذ الجمركية والمالية، تأكيدًا لاستقلال السياسة النقدية ووقف المضاربة بالعملة.

بهذه الخطوات، يضع القرار الأساس لتوحيد العملة الوطنية واستعادة ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.


ثانيًا: تفعيل الموارد السيادية وترسيخ الشفافية

تضمنت وثيقة “عجلان” ثلاث أولويات اقتصادية عاجلة، وجاء القرار الرئاسي بمضامين تنفيذية تُطابقها على أرض الواقع، وفق الآتي:

مطلب المقال الصحفي آلية التنفيذ في القرار رقم (11) لعام 2025م

تفعيل الإدارة الضريبية ومكافحة الفساد (بما في ذلك ضرائب القات) إلغاء الجبايات غير القانونية في مداخل المحافظات، وتمكين اللجنة العليا لمكافحة التهرب الضريبي والجمركي من السيطرة على المنافذ وإغلاق منافذ التهريب (قنا، الشجرة، رأس العارة).
تشغيل الموانئ وتوريد عائداتها إلى البنك المركزي إلزام المنافذ البرية والبحرية والجوية بتوريد الإيرادات عبر الربط الإلكتروني الكامل مع البنك المركزي، تحقيقًا للشفافية وتعزيزًا للرقابة المؤسسية.
استئناف إنتاج النفط وتفعيل المصافي لإنعاش العملة الوطنية إلزام شركة النفط اليمنية بتوريد حصة الحكومة من المشتقات المنتجة محليًا إلى حساب البنك المركزي، ووضع خطة طوارئ لتوحيد أسعار المشتقات وتعزيز الموارد المستدامة.


ثالثًا: من التناشد إلى الإلزام – الشفافية كمنهج للمحاسبة

في مقاله السابق، دعا عجلان إلى إخراج المحافظين إلى دائرة الضوء لمصارحة المواطنين بتفاصيل الإيرادات والمصروفات، معتبرًا أن الشفافية هي الطريق إلى المحاسبة.
وجاء القرار الرئاسي ليرفع هذه الدعوة إلى مستوى الإلزام التنفيذي عبر إجراءات رقابية حاسمة:

إخضاع اللجان التنفيذية لرقابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.

تكليف رئيس الوزراء ووزير المالية بتقديم تقارير أسبوعية عن سير التنفيذ.

منح رئيس الوزراء صلاحية اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجهات المقصّرة والرفع بالنتائج إلى مجلس القيادة الرئاسي.

بهذه الخطوة، تنتقل الشفافية من شعار إعلامي إلى التزام مؤسسي يخضع للمساءلة القانونية.


من المقال إلى القرار… من الفكرة إلى التنفيذ

القرار رقم (11) لعام 2025م الصادر في 28 أكتوبر لا يمثل مجرد توجيه حكومي، بل تحوّلًا في العلاقة بين الفكر الصحفي وصناعة القرار السياسي.
فقد أثبت مجلس القيادة الرئاسي أن الصوت الوطني حين يكون صادقًا وموضوعيًا، يجد طريقه إلى طاولة القرار.

اليوم، يقف اليمن على أعتاب مرحلة جديدة من الإصلاح المالي والإداري، تتطلب إرادة سياسية صلبة وتنفيذًا شفافًا على الأرض، حتى يرى المواطن اليمني الأمل يتحوّل إلى راتب منتظم، وعملة مستقرة، واقتصاد وطني متماسك.

إعداد: هيئة التحرير –
تاريخ النشر: 1 نوفمبر 2025
المصدر: قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) لعام 2025 – وتحليل هيئة التحرير لمقال الصحفي محمد ناصر عجلان «اليمن بين الأمل والواقع»