خشونة ناعمة

الفجر اليمني: سماح عملاق

من النعومة بنقاشٍ ما، أن تحضره امرأة، قد تكون طرفًا من حديثٍ تلوكها فيه الألسن، وربما كانت محور النقاش كله؛ فبحثًا عن سبلٍ لتنعيم خشونة الحياة اليومية هنا؛ تتكون الدوائر من جماعات نسائية أو رجالية لتتحدث عن فلانةٍ وعلانة، فرقية أحبت شابًا، وفاطمة سافرت دون محرم، وخيرية اختارت شريك عمرها مخالفةً لرأي ولي أمرها، وسالي كشفت نقابها، وسميرة تطلقت من زوجها، وسمية تزوجت بعد ترمّلها. ويالها من أحاديثٍ لاتسمن من جوع.

ومن العجيب أن تلك الجلسات لا تستند إلا لهوى القائلين وبناءً عليها تحاسب كل امرأةٍ ذُكر اسمها بضيمٍ وإجحاف، وكأنها ذهبت بقدمها وقعدت في منتصف الدائرة لتدغز هذا وتغمز لتلك مستفزةً إياهم.

نظراتٍ تتقاصر لمرأةٍ ذهبت لسوق القرية كي تحضر مقاضيها كعيبٍ معيبٍ لشرف أخوانها، وربما كانوا مسافرين وغير حاضرين في المنزل، ثم ماذا يعني إن كانوا حاضرين وأرادت المرأة أن تخرج لتستنشق بعض الأكسجين وتطلع على جديد ماحضر السوق فتختار ماتريد دون تحضيرٍ مسبق؟

قرأتُ مرةً عبارة لفرويد تقول فيما معناه إن المشي بلا هدف يوصلك إلى هدف العمر، ويحسن المزاج ويعالج النفسية، لكن فرويد لا يعلم أن خروجنا لباحة المنزل لابد وأن تكون لنشر الغسيل، وإن زرنا الوادي فلجلب الحطب، وإن حدث وخرجنا لنشتم النسيم يجب تحضير قائمة من المبررات المعلبة لذوي الأنوف الطويلة كادعاء مرض الكلى والحاجة للمشي وحاشا أن نكذب على ربنا في صحتنا الثمينة.

نحن لسنا من دعاة الانفتاح الذي يفضي إلى انحلالٍ لاسمح الله، بل من المنادين بحقوق الإنسان دون تمييز قائم على الجنس، فالمرأة مخلوق يشعر ويغضب ويمل ويحلم ويضحك ويخطئ ويصيب، مثل الرجل تمامًا، وإن لم تزرعوا فيها الرقيب بناءً على الاقتناع لن تفلحوا في فتل عضلاتكم ولو استمرتم في سجنها ألف سنةٍ أخرى.

المرأة مخلوق لطيف وضعيف تستهويها كلمة طيبة تقدرها بها، لكنها تتحول إلى وحشٍ ضاري مخيف إن طفح كيلها، فأحسنوا إليها تكن لكم أمانًا وعتادًا وعدة.

أما ما هو سائد فتعقيد لأبسط أمور الحياة، رقابة بلا معنى، قوانين بلا شرعية، ونفخة كذابة كبالونةٍ يفقعها دبوسٍ لتحال إلى هواء حبر ناعم.

منقول من موقع إب7برس Ibb7press

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *