تقرير خاص – الفجر اليمني
في مشهد سياسي غير مسبوق، شهدت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة توقيع ما يُعرف بـ “الاتفاقيات الإبراهيمية” بين عدد من الدول العربية والكيان الصهيوني، برعاية أمريكية مباشرة. هذه الاتفاقيات، التي رُوّج لها على أنها خطوات نحو السلام والاستقرار، أثارت جدلاً واسعًا في الشارع العربي، لا سيما في الدول التي ما تزال ترفض التطبيع، وعلى رأسها اليمن، التي ترفع صوتها عاليًا ضد هذا المسار التطبيعي الجديد.
وَهْمُ السّلام وحقيقة الاحتلال
رغم الخطاب الدبلوماسي الذي صاحب توقيع الاتفاقيات من الإمارات والبحرين ثم المغرب والسودان، فإن الوقائع على الأرض تُظهر عكس ما يُروّج له. فبدلاً من تحقيق السلام، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وازدادت وتيرة بناء المستوطنات وتهجير السكان، وسط صمت مريب من الموقعين على الاتفاقيات.
الناشط الفلسطيني عبد الله غيث يقول في حديث لـ الفجر اليمني:
> “هذه الاتفاقيات لم تُوقف جرافات الاحتلال، ولم تحمِ أطفال غزة من القصف. كيف يكون السلام مع طرفٍ لا يعترف بوجودنا أصلاً؟”
التّطبيع لا يعني استقرارًا
يرى مراقبون أن الاتفاقيات الإبراهيمية تمثل خضوعًا سياسيًا للضغوط الأمريكية والصهيونية، وتفريطًا واضحًا بالقضية الفلسطينية التي كانت حتى وقت قريب تُوصف بأنها “القضية المركزية للعرب”.
يقول المحلل اليمني د. حسن الطيري:
> “التطبيع دون مقابل حقيقي هو تنازل مجاني عن كرامة الشعوب العربية. لا يمكن أن نسمّي ذلك سلامًا، بل هو تطويع للأمة خدمةً لمشروع صهيوني توسعي.”
خيانة أم براغماتية سياسية؟
يدافع بعض المسؤولين في الدول الموقعة عن قراراتهم باعتبارها “خطوات شجاعة نحو السلام” و”فرصًا اقتصادية واعدة”، لكن هذه المبررات لم تجد صدى لدى الشعوب. فالغالبية ترى فيها خيانة واضحة لتاريخ طويل من الصمود والمقاومة.
الكاتب المغربي أمين الزهراني يصف الاتفاقيات بقوله:
> “ما بني على باطل فهو باطل. لا يمكن أن يكون الاحتلال مشروعًا للتعايش. هذا سلام لا يحترم المظلوم، بل يكافئ الظالم.”
اليمن: موقف ثابت رغم كل شيء
رغم الظروف السياسية والعسكرية التي تمر بها، بقيت اليمن على موقفها الوطني والقومي، الرافض لأي تقارب مع الكيان الصهيوني. في خطابات رسمية وشعبية، تكرّر التأكيد على أن التطبيع خيانة، وأن القضية الفلسطينية ستبقى قضية اليمنيين الأولى.
يقول الناشط السياسي اليمني علي مجاهد لـ الفجر اليمني:
> “رغم كل ما نواجهه، لن نساوم على فلسطين. لا سفارات للاحتلال هنا، ولا طيران يهبط، ولا أعلام تُرفع سوى علم فلسطين.”
خاتمة: السّلام الحقيقي لا يُبنى على أنقاض المظلومين
في نهاية المطاف، قد تكون الاتفاقيات الإبراهيمية حققت بعض المصالح السياسية والاقتصادية لبعض الأنظمة، لكنها لم تحقق سلامًا حقيقيًا أو عدالة للشعب الفلسطيني. بل زادت من حالة الغضب والانقسام في الشارع العربي، ووضعت الشعوب أمام معادلة جديدة: إما المقاومة أو التنازل.
ويبقى السؤال: هل يمكن أن يُكتب السلام على الورق بينما الدم الفلسطيني لا يزال ينزف؟