الفجر اليمني – خاص
أثارت حادثة الاعتداء على الطفل يحيى الكامل، بائع الآيسكريم المنحدر من محافظة إب، موجة استنكار عارمة في الشارع اليمني، بعد أن أظهر مقطع مصور تعرضه لاعتداء مؤلم أثناء مزاولة عمله البسيط على ساحل المكلا بمحافظة حضرموت. وبينما خلّف المشهد أسىً عميقًا، تحوّلت القصة سريعًا إلى تجلٍّ نادر لقيم التكاتف والإنسانية، خاصة بعد أن أعلن الكامل، خلال تكريمه في المكلا، تبرعه بكامل مبلغ الدعم الذي تلقاه – والمقدر بأكثر من مليون ونصف ريال يمني – لصالح أبناء غزة، مسامحًا المعتدين عليه في “الحق الخاص”.

موقف حضرمي مشرف وغيور على القيم
ردود الأفعال جاءت سريعة وصادقة، أبرزها ما عبّر عنه الدكتور كمال البعداني الذي قال:
“ما حدث كان مشهدًا محزنًا ومقرفًا، لكن رد فعل أبناء حضرموت أعاد التوازن وأظهر القيم الرفيعة.”
وأشار إلى أن المعتدين لا يمثلون حضرموت، مضيفًا: “لم أجد شخصًا واحدًا من أبناء حضرموت المعروفين على مواقع التواصل يبرر ذلك الفعل، بل جميعهم وقفوا ضده.”
وفي مشهد وصفه بأنه نادر ويدعو للفخر، قال البعداني:
“لفت نظري ذلك الاستياء الواسع من أبناء حضرموت بمختلف مشاربهم تجاه تلك التصرفات، وكان تعبيرهم عن ذلك إما عبر مواقع التواصل أو بالاتصال المباشر مع ذلك الشاب، وجبر خاطره بل ودعمه ماديًا ومعنويًا، كما فعل الشيخ صلاح باتيس وغيره.”

كما توقف عند رد فعل الشاب المعتدى عليه قائلًا:
“لاحظت أن يحيى الكامل تعامل مع المعتدين بلين وصبر، لكن عندما بلغ الأمر التطاول على الدين والرب، انتفض ودافع بشجاعة، فبارك الله فيه على غيرته وجزاه الله خيراً.”

الأمن يتحرك بسرعة والمجتمع يتطهر
من جانبها، تحركت الأجهزة الأمنية بسرعة، حيث أعلنت شرطة حضرموت القبض على المتهم الرئيسي في منطقة روكب استنادًا لتوجيهات النيابة، وأكدت أن “التحقيقات مستمرة لتعقب بقية المتورطين”.
وفي بيان رسمي، شددت إدارة الأمن على أن ما حدث “تصرف شاذ لا يمثل المجتمع”، مؤكدة أن المكلا ستبقى مدينة آمنة للجميع، ولن يُسمح بأي أعمال تمس أمن المواطن أو كرامته.
معدن الناس يظهر وقت الأزمات
في ختام منشوره، قال الدكتور كمال البعداني:
“سلام الله على حضرموت الأخلاق والحُب، فمثل هذه الأحداث تُظهر المعدن الحقيقي لأي مجتمع.”
وأضاف محذرًا من خطر المناطقيّة: “لا يجتمع الدين مع المناطقية، ولا تُبنى الدول بها، فهي انتكاسة أخلاقية وردة حضارية.”
واستشهد ببيت الشاعر أحمد شوقي:
“وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم
فأقمْ عليهم مأتمًا وعويلاً.”
خلاصة
حادثة يحيى الكامل لم تكن مجرد اعتداء على طفل كادح، بل امتحان أخلاقي لمجتمع بأكمله. وقد برهنت حضرموت، من خلال استنكارها الواسع واحتضانها المؤثر للضحية، أنها ما زالت تحتفظ بتراثها النبيل، وأنها قادرة على قيادة المواقف بقيم الدين، والكرم، والإنسانية.